١٥ يوليو ٢٠٠٦

كلمة السيد حسن نصر الله عبر تليفزيون المنار يوم 14 يوليو/تموز 2006

في البداية وأنا في أول خطاب لي معكم بعد تنفيذ عملية “الوعد الصادق” وما تبعها من أحداث. أود في البداية أن أتوجه بالتبريك والتعزية إلى عوائل الشهداء، الذين قدموا أعز أحبائهم في هذه الأيام القاسية والصعبة وكلما قدموه في أشرف مواجهة ومعركة عرفها العصر الحديث، بل عرفها التاريخ وأن أتوجه إلى الجرحى أيضا بالتحية متضرعا إلى الله سبحانه وتعالى أن يرزقهم ويمن عليهم بالشفاء والعافية. وأن أتوجه أيضا بالتحية إلى أهلنا الصامدين في جميع المدن والقرى الثابتين الراسخين في أرضهم كما هم راسخون في إيمانهم، وأتوجه بالتحية أيضا لإخواني المجاهدين المقاومين الصابرين المحتسبين المرابطين في كل الخطوط، والمستعدين دائما للتضحية في سبيل ما يؤمنون والذين كانوا وما زالوا يحملون دماءهم على الأكف ورؤوسهم شامخة.

في أول خطاب في هذه الأيام بعد عملية “الوعد الصادق” أود أن أقول بضع كلمات، كلمة للشعب اللبناني وكلمة للمقاومين، وكلمة للصهاينة، وكلمة للحكام العرب. ولن أقول كلمة للمجتمع الدولي لأنني لم أؤمن يوما من الأيام كما كثيرون من أمتنا أن هناك شيئا اسمه مجتمع دولي.

أولاً: أقول للشعب اللبناني، يا شعبنا العزيز الذي احتضن المقاومة وانتصرت به وانتصر بها عام 2000 في 25 أيار، هذا الشعب الذي صنع أول انتصار عربي تاريخي في الصراع مع العدو الإسرائيلي بالرغم من عدم تكافؤ القوى أساسا وبالرغم من تخلي غالبية الأشقاء العرب وغالبية الأخوة المسلمين وسكوت العالم كله، هذا الشعب اللبناني صنع معجزة الانتصار التي أذهلت العالم والتي أذلت الصهاينة، هؤلاء الصهاينة الذين ينظرون إلى هذا الشعب نظرة خاصة ومميزة لأنه أنجز في تاريخ الصراع معهم إنجازا خاصا ومميزا، المعركة اليوم لم تعد معركة أسرى وتبادل أسرى، قد يقال إن للعدو الصهيوني رد فعل على أي عملية أسر قد تحصل في أي مكان من العالم لأي جيش أو لأي دولة لها حدود ولها ضوابط، ما يجري اليوم ليس رد فعل على عملية أسر، وإنما هو تصفية حسابات مع الشعب والمقاومة والدولة والجيش والقوى السياسية والمناطق والقرى والعائلات التي ألحقت الهزيمة التاريخية بهذا الكيان المعتدي الغاصب الذي لم يعتد على الهزيمة.

اليوم إذا، هي حرب شاملة يشنها الصهاينة لتصفية حساب كامل مع لبنان وشعب لبنان ودولة لبنان وجيش لبنان ومقاومة لبنان انتقاما وثأرا مما تم انجازه في 25 أيار عام 2000

أيها الشعب العزيز والصامد والمجاهد والشريف والذي أعرف أنه بأغلبيته الساحقة عقلا وقلبا وإرادة وثقافة وفكرا وحبا وعشقا وتضحية هو شعب كرامة وعزة وشرف وإباء وليس شعب عمالة وخضوع وذل وهوان وخنوع. أقول لكم في هذه المواجهة نحن أمام خيارين ليس ك”حزب الله” وليس ك”مقاومة”، مقاومة حزب الله، لبنان دولة وشعبا وجيشا ومقاومة وقوى سياسية نحن أمام خيارين إما أن نخضع اليوم للشروط التي يريد العدو الصهيوني إملاءها علينا جميعا وبضغط وتأييد ودعم أميركي ودولي وللأسف عربي، إما أن نخضع لشروطه الكاملة التي تعني إدخال لبنان في العصر الإسرائيلي وفي الهيمنة الإسرائيلية، بكل صراحة هذا هو حجم الموضوع، وإما أن نصمد وهو الخيار الآخر وأن نصبر وأن نصبر ونواجه وأنا بالتوكل على الله سبحانه وتعالى وبالثقة به وبالمجاهدين وبكم وبمعرفتي بهذا الشعب وبهذا العدو، كما كنت أعدكم بالنصر دائما أعدكم بالنصر مجددا.

عندما كانت عناقيد الغضب عام 1996، أو تصفية الحسابات عام 1993، في البداية كانت يده أعلى وكانت ظروفنا أصعب،أما اليوم الوضع مختلف وثقوا بي تماما أن الوضع مختلف، ما هو مطلوب فقط أن نصبر وأن نصمد وأن نواجه وأن نتوحد،وأنا أعرف وأنا أراهن أن غالبية شعبنا هو شعب صامد ومجاهد ومضحي وليس بحاجة إلى تحريض وإنما ما أقوله إنما هو من باب استكمال الفكرة وتثبيت الخيار وتأكيد هذا المعنى.

أما الكلمة للمقاومين، لإخواني وأحبائي وأعزائي ومن يراهن عليهم اليوم كل لبناني وكل فلسطين وكل عربي وكل مسلم وكل حر وشريف في هذا العالم وكل مظلوم ومستضعف ومعذب، وكل عاشق للصمود، للشجاعة، للشهامة، للقيم، للشرف، الذي يتجسد فيهم ويجسدونه من خلال وجودهم في ساحات المواجهة ومن خلال قتالهم لهذا العدو، قتال الشجعان الأبطال، أقول لهم أنتم اليوم بعد الله سبحانه وتعالى رهاننا ورهان أمتنا، أنتم عنوان شرفنا، وكرامتنا بكم، يبقى هذا الشرف، بكم تحفظ هذه الكرامة، الانجاز عام2000 أنتم كنتم الأصل فيه بعد الله سبحانه وتعالى، اليوم أنتم معنيون قبل غيركم أن تحافظوا على انجاز النصر وعلى انجاز التحرير وعلى انجاز الصمود وعلى انجاز الكرامة وهذا يتطلب منكم كما أنتم بالفعل وكما أثبتم حتى الآن في هذه الأيام أنكم موضع كل رهان وكل حسن ظن وأن من اتكل بعد الله عليكم فهمه فائض وعاقبته حسنة ونصره عزيز وقريب وفتحه مبين

أما للصهاينة، لشعب الكيان الصهيوني في هذه الساعة أقول له، ستكتشف سريعا أيها الشعب، كم أن حكومتك الجديدة وقيادتك الجديدة حمقاء وغبية ولا تعرف تقدير الأمور وليست لديها أية تجربة على هذا الصعيد، أنتم أيها الصهاينة تقولون في استطلاعات الرأي أنكم تصدقونني أكثر مما تصدقون مسؤوليكم، هذه المرة أدعوكم جيدا لأن تسمعوني وأن تصدقوني، اليوم نحن صبرنا بالرغم من الاعتداء الذي حصل ليلا على الضاحية الجنوبية وتراكم الاعتداء على كل قرية وحي وشارع وبيت في لبنان، لا فرق بين الضاحية الجنوبية ومدينة بيروت وأي بيت في جنوب لبنان أو البقاع أو الشمال أو جبل لبنان أو أي زاوية من زوايا لبنان.

هذه المعادلة انتهت، لن أقول اليوم إذا ضربتم بيروت سنضرب حيفا، لن أقول لكم إذا ضربتم الضاحية سنضرب حيفا، هذه المعادلة أردتم أن تسقط فلتسقط نحن وإياكم ، أنتم أردتم حربا مفتوحة، نحن ذاهبون إلى الحرب المفتوحة ومستعدون لها، حربا على كل صعيد، إلى حيفا وصدقوني إلى ما بعد حيفا والى ما بعد ما بعد حيفا. الذي سيدفع الثمن لسنا وحدنا، لن تدمر بيوتنا وحدنا لن يقتل أطفالنا وحدنا، لن يشرد شعبنا وحده، هذا الزمن انتهى، هذا كان زمن قبل 1982 وقبل سنة 2000 للميلاد، هذا زمن انتهى. أنا أعدكم بأن هذا الزمن انتهى وبالتالي عليكم أيضا أن تتحملوا مسؤولية ما قامت به حكومتكم وما أقدمت عليه هذه الحكومة. من الآن فصاعدا أنتم أردتم حربا مفتوحة فلتكن حربا مفتوحة. أنتم أردتم، حكومتكم أرادت تغيير قواعد اللعبة فلتتغير إذا قواعد اللعبة.

أنتم لا تعرفون اليوم من تقاتلون، أنتم تقاتلون أبناء محمد وعلي والحسن والحسين وأهل بيت رسول الله وصحابة رسول الله. أنتم تقاتلون قوما يملكون إيمانا لا يملكه أحد على وجه الكرة الأرضية. وأنتم اخترتم الحرب المفتوحة مع قوم يعتزون بتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم وأيضا يملكون القدرة المادية والإمكانات والخبرة والعقل والهدوء والحلم والعزم والثبات والشجاعة. الأيام المقبلة بيننا وبينكم إن شاء الله.

أما للحكام العرب، لا أريد أن أسألكم عن تاريخكم، فقط كلمة مختصرة، نحن مغامرون، نحن في حزب الله مغامرون نعم، ولكننا مغامرون منذ عام 1982. لم نجر إلى بلدنا سوى النصر والحرية والتحرير والشرف والكرامة والرأس المرفوع. هذا هو تاريخنا، هذه هي تجربتنا، هذه هي مغامراتنا. في عام 1982 قلتم عنا وقال العالم أننا مجانين وأثبتنا أننا العقلاء أم من هم المجانين هذا شأن آخر لا أريد أن أدخل في سجال مع أحد. أقول لهم راهنوا على عقلكم وسنراهن على مغامرتنا والله ناصرنا وهو معيننا. لم نراهن في يوم من الأيام عليكم، راهنا على الله وعلى شعبنا وعلى قلوبنا وعلى سواعدنا وعلى أبنائنا، ونحن اليوم نقوم بنفس الرهان والنصر آت إنشاء الله.

المفاجآت التي وعدتكم بها سوف تبدأ من الآن. الآن في عرض البحر في مقابل بيروت البارجة العسكرية الإسرائيلية التي اعتدت على بنيتنا التحتية وعلى بيوت الناس وعلى المدنيين، انظروا إليها تحترق وستغرق ومعها عشرات الجنود الإسرائيليين الصهاينة، هذه البداية وحتى النهاية كلام طويل وموعد. والسلام عليكم ورحمة الله.

المزيد...