١٢ أغسطس ٢٠٠٦

كلمة السيد حسن نصر الله عبر تليفزيون المنار يوم 12 أغسطس/آب 2006

بعد السلام والدعاء والتحية للمجاهدين والمقاومين الابطال ولشعبنا الابي الصامد والوفي ولكل محب وصادق وداعم ومساند بالقول والعمل والحب، أود اليوم أن اتوجه اليكم بموضوع رسالتي الاساسي هو القرار الدولي الذي اتخذ منتصف هذه الليلة، وبالتالي التعليق على هذا القرار وتحديد كيفية تعاطينا مع الاحداث خلال الأيام القليلة المقبلة، وايضا ماهو تعليقنا السياسي على هذا القرار وكيف ننظر اليه بالاجمال.

في البداية أود أن أؤكد بانه لولا صمود المقاومين الابطال الشجعان الشرفاء وصمود شعبنا الشجاع والعظيم والابي والوفي والصامد، وايضا صمود القوى السياسية اللبنانية والدولة اللبنانية بمختلف مؤسساتها السياسية والأمنية والعسكرية والمدنية، يعني بكلمة واحدة لولا صمود لبنان لكنا اليوم امام وضع او نتائج سياسية وامنية سيئة جدا، ولكان عدونا اليوم في الموقع الذي يستطيع أن يفرض فيه شروطه السياسية والأمنية ولاخذ لبنان إلى واقع جديد هو اسوأ من اتفاقية 17 ايار. ولو اخذنا بعين الاعتبار الاهداف المعلنة في الحرب الإسرائيلية على لبنان والاهداف غير المعلنة لهذه الحرب وايضا للاهداف المعلنة من قبل الإدارة الأميركية لهذه الحرب على لبنان.

اليوم اذا نحن امام النتائج الطبيعية المعقولة والممكنة للصمود الكبير الذي عبر عنه اللبنانيون من خلال المواقع المختلفة، في مايتعلق بالقرار الدولي الذي صدر وبالتالي كيفية تعاطينا مع موجبات ونتائج هذا القرار بمعزل عن الموقف السياسي الذي ساتحدث عنه بعد قليل او ملاحظاتنا او تحفظاتنا او تقييمنا، أود أن اقدم او أؤكد في البداية على منهج المقاومة في التعاطي خلال الأيام القليلة الماضية:

اولا: في حال تم التوصل إلى توقيت لوقف رسمي بالاعمال الحربية او الاعمال العدوانية، فليسموها ما شاؤوا، فيما لو حصل اتفاق على توقيت معين بمسعى من الامين العام للامم المتحدة وبالتنسيق بين لبنان وحكومة العدو فان
اي وقت يعلن لوقف الاعمال الحربية المقاومة ستلتزم به دون اي تردد، وفي هذا السياق قبل هذا الاعلان وبعد هذا الاعلان أنا أؤكد بان المقاومة هي رد فعل، وبالتالي عندما تتوقف الافعال العدوانية الإسرائيلية فان ردود الافعال التي تعبر عنه المقاومة ستتوقف حكما وبشكل طبيعي.

ثانيا: كل مايمكن أن يسهل عودة اهلنا النازحين والمهجرين إلى ديارهم وإلى بيوتهم، وكل مايمكن أن يسهل الاعمال الانسانية والاغاثية نحن سنكون في اتم استعداد واحسن تعاون ممكن خلال المرحلة الانتقالية.

وثالثا: نحن في السابق ومن خلال موقفنا السياسي ومن خلال وجودنا في الحكومة اللبنانية قلنا اننا موافقون على فكرة انتشار الجيش اللبناني معززا بقوات اليونيفيل وهذا موقفنا نحن ملتزمون به، وعندما يتقرر انتشار الجيش وقوات اليونيفيل سوف تلقى من المقاومة كل التعاون والتسهيل والاستعداد المطلوب إن شاء الله.

رابعا: طالما انهم يتحدثون عن الاعمال الحربية فيبدو أن العدو الصهيوني فهم من هذا الكلام وقد عبر اليوم بعض قادته عن أن هذا يعطيهم الحق في استكمال العمل الميداني البري ويعتبرونه دفاعا عن النفس واندفاعا في سياق تحقيق بعض الاهداف العسكرية والميدانية للعدوان الإسرائيلي على لبنان، في هذا السياق طالما أن هناك تحرك عسكري إسرائيلي واعتداء ميداني إسرائيلي وان هناك جنودا إسرائيليين يحتلون ارضنا فمن حقنا الطبيعي أن نواجههم وان نقاتلهم وان ندافع عن ارضنا وعن ديارنا وعن انفسنا، وبالتالي بطبيعة الحال طالما أن الإسرائيلي يمارس احتلالا وعدوانا فان المقاومة هي حق طبيعي لنا ولكل الشعب اللبناني ونحن سنمارس هذه المقاومة بالطريقة التي نعتقد انها مفيدة ومجدية.

وفي هذا الاطار وكما ذكر امس في الكلمات التي تقدمت على التصويت على القرار الدولي وتؤكد على أن تفاهم نيسان عام 1996 سيكون هو الاطار الحاكم لاي مواجهات ميدانية من هذا النوع، فأنا أؤكد بشكل طبيعي التزامنا بتفاهم نيسان وندعو العدو إلى الالتزام بهذا التفاهم ، هذا على المستوى العملي خلال الأيام القليلة المقبلة لان المشكلة الحقيقية في هذا القرار هي انه لم يعلن وقفا شاملا لإطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال وانما تحدث عن وقف الاعمال الحربية وقد تكون هناك اجتهادات متنوعة في تفسير المقصود في الاعمال الحربية. يعني أود أن اصل إلى نقطة واقول يجب أن لا نخطىء لا في المقاومة ولا في الحكومة ولا الشعب اللبناني ولا في لبنان، ونتصور أن الحرب انتهت في منتصف الليل عندما اتخذ مجلس الأمن هذا القرار، الحرب لم تنته، بدليل أن العدوان مازال مستمرا، اليوم محاولات تقدم على اكثر من محور، انزالات في بعض المناطق، غارات جوية في الكثير من المناطق مثل تدمير وهدم، اليوم لم يتغير شيء، ويبدو أن غدا ايضا لن يتغير شيء، ويبدو أن الإدارة الأميركية التي اعطت المهل المتواصلة للإسرائيليين ليحققوا انجازات ميدانية، لان مجلس الأمن لم يجتمع الا بعد مضي شهر من الحرب، حرب العدوان على لبنان.

ايضا هناك اصرار على أن لا يكون هناك وقف إطلاق نار شامل وبالتالي اليوم السبت هناك فرصة للعدو غدا الاحد لتجتمع حكومة العدو وتعطي الجواب للاثنين حتى يتم التنسيق، وحتى بعد اعلان وقف الاعمال الحربية هناك ايام امام العدو بحجة انه لن يوقف إطلاق النار قبل أن يبدأ الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بالانتشار في الاماكن التي سينسحب منها العدو، هذه الالية هذه الطريقة في نهاية المطاف تعطي للعدو الإسرائيلي في الحد الادنى عدة ايام لمواصلة عدوانه باشكال مختلفة.

نحن يجب أن نكون يقظين جميعا في لبنان وان لا نتصرف على قاعدة أن الحرب انتهت، وبالتالي يؤخذ لبنان وشعب لبنان ودولة لبنان وجيش لبنان وبالدرجة الاولى المقاومة على حين غفلة وكانه يحق للعدو في نهاية الحرب أن يقتل وان يدمر وان يوغل وان يفسد وان يفعل الافاعيل طالما أن الحرب خلال ايام ستضع اوزارها. هذه شبهة كبيرة يجب أن لا نتورط بها ولذلك في هذا السياق المقاومة اليوم مازالت تخوض مواجهات بطولية وسوف تبقى تخوض هذه المواجهات وتؤدي واجبها الوطني والجهادي والايماني والانساني والاخلاقي في مواجهة العدو الشرس والمتوحش والهمجي والذي لاحدود لاطماعه ولا حدود لعدوانه. هذا في ما يتعلق بطريقة ادائنا في الأيام والمرحلة المقبلة.

بما يتعلق بالقرار، نحن لا نريد أن ندخل في تقييم عام للقرار الآن وإلى اي حد يتبنى المطالب اللبنانية في ما ذكر من نقاط سبعة أجمع عليها اللبنانيون او إلى اي حد يقارب هذه المطالب او يؤسس لمعالجة هذه المطالب، على كل حال أنا اعتقد أن المناقشة وان الوضع تجاوز هذا النوع من التقديرات والمناقشات ولكن بكلام مختصر وواضح أريد أن اقول ما يلي:

اولا، في بعض جوانب هذا القرار نحن نعتبره غير عادل وغير منصف عندما يحاول أن يحمل المسؤولية للمقاومة التي قامت بعملية عسكرية محدودة بالرغم من الاكاذيب التي سمعناها بالامس في جلسة مجلس الأمن سواء من الوزيرة الاميركية او من المندوب الإسرائيلي، الذي حصل بالفعل هو أسر لجنود إسرائيليين وانتهى الامر، الإسرائيليون بدأوا باستهداف الابنية والمدن وقصفوا الضاحية الجنوبية يعني بدأوا من النهاية في الحقيقة واعتدوا على المدنيين وبعدها قمنا نحن بقصف المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة.

القول الذي يتكرر على ألسنة الاميركيين والإسرائيليين وحتى للاسف بعض المسؤولين في الامم المتحدة ويقدمون المسألة بان حزب الله قام بأسر جنديين واطلق آلاف الصواريخ على الشمال، هذا غير صحيح هذا كذب ودجل وافتراء واضح ، أن تلام المقاومة على عملية عسكرية محدودة الافعال والنتائج والتداعيات ولكن في نفس الوقت لا تلام إسرائيل ولا تدان إسرائيل ولا يذكر في القرار الدولي اي شيء يتعلق بعدوانية إسرائيل وارتكابها للمجازر المهولة وقتلها لاكثر من الف مدني في لبنان واقدامها على قتل النساء والاطفال في قانا في الشياح في القاع في بريتال في عكار في صريفا، لا تعد ولا تحصى، البلدات اللبنانية التي نفذت فيها مجازر في هذا العدوان وعن تدميرها للبنى التحتية اللبنانية وعن ارتكابها لجرائم الحرب لا يؤتى على ذكر ذلك بل يعتبر البعض كأن هذا هو حق طبيعي للإسرائيلي. هذا امر ظالم وغير منصف وغير عادل بكل تأكيد، في كل الاحوال هذا جانب وأنا اتوقف عنده لاسباب اخلاقية ولاسباب انسانية ولاسباب سياسية.

هناك بنود اخرى نحن نتحفظ عليها، ولكن نؤجل الحديث عنها إلى بعد التوصل الجدي إلى وقف إطلاق النار لاننا نريد أن نكتشف او أن تظهر بالفعل نوايا العدو الإسرائيلي من خلال هذا التكتيك الذي اعتمد اميركيا وإسرائيليا في توزيع الامر إلى مرحلتي وقف الاعمال الحربية ولاحقا وقف إطلاق النار، وهناك بنود في القرار نحن نعتبر انها شأن لبناني داخلي يجب أن يناقش في اطار الحكومة، يجب أن يناقش في اطار هيئة الحوار الوطني. نحن كلبنانيين كقوى سياسية في لبنان معنيون بمناقشتها وحسمها ونحن سنقدم آراءنا وافكارنا من خلال الحكومة ومشاركتنا في الحكومة او من خلال مشاركتنا العامة في الاطر السياسية الوطنية التي تناقش موضوعات من هذا النوع.
هذا الموقف المبدئي وهذه التحفظات سيعبر عنها وزرائنا في جلسة الحكومة التي ستنعقد اليوم باتخاذ موقف معين رسمي من قبل الحكومة اللبنانية، بالتأكيد نحن نقدر كل الجهود التي بذلت على المستوى السياسي وعلى المستوى الرسمي والتي اعطت نتائج من نوع دفع ما هو أفسد، يعني هناك أمور أسوأ هناك أمور سيئة عديدة كان يمكن أن يتضمنها القرار الدولي، الجهود السياسية والديبلوماسية ساعدت وأمكنت بالاستفادة من الصمود، وهنا أكرر وأؤكد على هذه النقطة بالاستفادة من الصمود الاسطوري للمقاومة وللشعب اللبناني من دفع ما هو اسوأ.

اليوم الحكومة اللبنانية هي تستطيع بالتأكيد هي تتصرف بمسسؤولية وطنية وتستطيع أن تتصرف بما تمليه عليها مسؤوليتها الوطنية ونحن لن نكون عائقا امام اي قرار، قرار الحكومة اللبنانية مناسب ولكن وزراؤنا سيسجلون تحفظاتنا على القرار وعلى بعض البنود وبعض المواد التمهيدية في هذا القرار التي نعتبرها غير عادلة وغير منصفة.

خلال المرحلة المقبلة بالتأكيد هناك مسؤوليات كبيرة ملقاة على عاتق الحكومة اللبنانية وعلى عاتق الدولة اللبنانية عموما ترتبط بالجانب الأمني، بالجانب الاعماري، بالجانب الانساني، بالجانب السياسي، هذا الامر يؤكد كما اكدنا في مرحلة الحرب وكما أعيد التأكيد في هذه الأيام اننا الان مازلنا محتاجين إلى التضامن الوطني والوحدة الوطنية وخلال المرحلة المقبلة ايضا بعد أن تضع الحرب اوزارها، أؤكد على اهمية التضامن الوطني والوحدة الوطنية لمواجهة الاستحقاقات المقبلة والقريبة جدا والتي هي على درجة عالية من الاهمية ومن الخطورة ومن الحساسية لان العدو الإسرائيلي عندما سيشعر في نهاية المطاف انه لم يتمكن من تحقيق اهدافه المعلنة او غير المعنلة من هذه الحرب لن يترك لبنان ولن يتخلى عنه، وهناك مخاطر معينة يجب أن نستعد لمواجهتها ولا نستطيع أن نواجهها الا بالتضامن والوعي واليقظة والوحدة الوطنية التي عبرت عن نفسها باشكال مختلفة خلال الاسابيع القليلة الماضية ويجب أن نحافظ عليها خلال المرحلة المقبلة.

الان بالتاكيد لن ادخل في تقييمات للحرب ولنتائج الحرب ولما يمكن أن يناقش الان في كثير من السجالات الاعلامية والسياسية لانني اعتبر اننا مازلنا في مرحلة الحرب، اولويتنا الحقيقة الان مازالت هي وقف العدوان وقف إطلاق النار بمعنى الذي يشكل تعبيرا عن العدوان الإسرائيلي، استعادة ارضنا، تحقيق الأمن والاستقرار في بلدنا، وعودة المهجرين والنازحين وبعدها لكل حادث حديث، نحن لانريد أن نستعجل الامور، ندعو إلى أن نشعر جميعا اننا مازلنا في المواجهة وانما علينا أن نتصرف بنفس المشاعر والاحاسيس والمسؤولية التي تصرفنا فيها جميعا منذ البداية.

الان الجهد السياسي الذي سيستمر، الحكومة اللبنانية ستتخذ الموقف الذي تراه مناسبا، المساعي ستستمر لتحديد وقت لوقف ما سمي بالاعمال الحربية، سنرى خلال الأيام المقبلة كيف ستسير الامور وكيف سيكون اداء العدو بشكل حقيقي، نحن في هذا السياق قلت في البداية اننا سنتعاطى بواقعية وبالايجابية المطلوبة خصوصا في المجال الميداني، ولكن علينا جميعا أن نكون حذرين ويقظين، العدو يواصل عمليته العسكرية وخصوصا البرية، هناك يد مفتوحة للجيش الإسرائيلي في التحرك يبدو أن الاسباب الحقيقية او من الاسباب الحقيقية لاستمرار العملية العسكرية خصوصا البرية لايام أن الامور ترتبط بقضايا داخلية، الجيش الإسرائيلي نفسه والحكومة الإسرائيلية، مرحلة ما بعد الحرب في الكيان الإسرائيلي. ولذلك اليوم لبنان وبعد أن تحدد الاطار السياسي الممكن لمعالجة الحرب من خلال القرار الدولي الإسرائيليون يكملون حربهم ، أنا اقول يكملون حربهم لاسباب داخلية عندهم ، لاسباب ترتبط بصورة الجيش الإسرائيلي بمحاولة لتقديم انجازات معينة لحفظ ماء وجه معين، لكن في كل الاحوال ايا تكن اهداف استمرار العدوان ولو البري الميداني، نحن في المقاومة، اخوانكم وابناؤكم واحباؤكم الذين سطروا حتى الان اروع الملاحم البطولية وصوروا مشاهد الرجولة والبطولة والشهامة والشموخ على ارض جنوب لبنان، هم يواصلون العمل ويواصلون التصدي ويواصلون المواجهات.

أنا اعتقد ايا تكن الخطوات التي سيقدم عليها جيش الاحتلال وهو يحاول أن يتقدم في هذه المنطقة او تلك المنطقة ويحاول أن يلتف ويحاول أن يبذل جهدا كبيرا للوصول إلى نهر الليطاني وفي اي نقطة من النقاط، ويقول للداخل الإسرائيلي وللعالم انني وصلت إلى نهر الليطاني، اقوم باحتلال منطقة، في كل الاحوال ايا تكن الصورة التي يريد جيش العدو أن يقدمها من خلال استمراره في العدوان، أنا أؤكد أن المقاومة موجودة وقوية وصلبة وشجاعة تكبد العدو المزيد والمزيد من الخسائر في ضباطه وجنوده ودباباته وآلياته وزوارقه البحرية كما حصل بالامس وكما يحصل اليوم على مستوى مجزرة الدبابات التي ينفذها مجاهدوا المقاومة الاسلامية البطلة في جنوب لبنان، هؤلاء المجاهدون يواصلون العمل ونحن جميعا معهم على امل أن نكون على نهاية قريبة جدا لهذه الحرب التي لن يخرج منها لبنان شعبا ومقاومة ودولة إلا عزيزا منتصرا شامخا إن شاء الله.
المزيد...

١٠ أغسطس ٢٠٠٦

كلمة السيد حسن نصر الله عبر تليفزيون المنار يوم 9 أغسطس/آب 2006

مجددا، أخاطبكم ونحن نقترب من نهاية الشهر في هذه الحرب العدوانية الوحشية التي فرضها الصهاينة على لبنان، على كل انسان وحجر وموقع وعنوان في لبنان. وأود كما هي العادة، أن أتطرق إلى العديد من القضايا سواء على المستوى السياسية أو على المستوى الميداني. أود أن أبدأ اليوم بالحديث عن بعض التطورات السياسية، وانتهي بالوضع الميداني. كمقدمة للوضع السياسي والتطورات، ما زلنا نستند الى واقع ميداني صلب وقوي ويشهد له العدو قبل الصديق. لذلك، ما سأتطرق اليه في الوضع السياسي ما زال قائما على الحق وما زال قائما على القوة ايضا التي ما زالت تقاتل وتواجه في الميدان.

منذ بداية هذه المعركة، حرصنا في الأداء السياسي والاعلامي على مراعاة والأخذ في الاعتبار مجموعة من الأساسيات والجوانب المهمة والحساسة. بالنسبة إلينا، وخصوصا ونحن نشارك في المعالجة السياسية أو المواجهة السياسية كما يقال، كنا منذ البداية، نؤكد مبدأ أساسيا هو الحفاظ على وحدة الصف والتضامن الوطني والشعبي، وأيضا، التضامن الرسمي على مستوى الدولة ومؤسساتها، وايضا تقوية موقف الدولة، وبالأخص في الحكومة في التفاوض والحفاظ على الحقوق الوطنية. وكما قلت في رسالة سابقة، ايجاد التعاون لتكون هناك إرادة سياسية في مستوى الارادة الجهادية ومستوى إرادة الصمود الشعبي حتى نخرج من هذه المعركة، وقد حافظنا في الحد الأدنى على حقوقنا الوطنية وكرامتنا الوطنية.

لذلك، وفي الأسابيع الماضية، أكدنا مجموعة نقاط، والآن، أود في مقدمة الحديث التأكيد عليها.

أولا: عدم الدخول في أي سجال سياسي أو اعلامي مع أي فريق لبناني أو حزب لبناني أو أي شخصية لبنانية أيا تكن الانتقادات التي توجه أو الكلام الذي يقال وبعضه مؤذ وبعضه للأسف يقول بالضبط ما يقوله المسؤولون الاسرائيليون والصحافة الاسرائيلية، مع ذلك، انا اؤكد على كل اخواني كما أكدت في المراحل الماضية، عدم الدخول في اي سجال سياسي او اعلامي حول هذه المسائل، اولويتنا هي الصمود والتضامن السياسي والشعبي والوطني من اجل مصالح بلدنا وفي شكل عام. اما بعض الحساسيات والهواجس وبعض التفاهات وبعض الاشكال من الطعن في الحقيقة التي لا تخدم مصلحة البلد، علينا ان نتجاوزها.

الامر الثاني: ما طلبناه من النازحين من اهلنا الصامدين الطيبين، وما اؤكده الان هو مراعاة المحيط الذي تتواجدون فيه ان لجهة بعض الشكليات او العادات او التقاليد او الانشطة او الشعارات او الاعلام. ان كل ما يثير اي حساسية مع المحيط الذي تتواجدون فيه، وخصوصا في المحيط الذي يحتضنكم بكرامة وشرف ومسؤولية، من مسؤوليتكم وواجبكم، ايضا، ان تأخذوا هذا الجانب في الاعتبار لان هناك من يحاول بين الحين والاخر ان يثير حساسيات معينة ليبث ضعفا او وهنا او خللا في ساحة صمود النازحين والمهجرين في ساحة الاحتضان الشعبي لهؤلاء، وهذا يخدم الاسرائيلي بالدرجة الاولى لان اي خلل في جبهة الصمود تقرب العدو من تحقيق اهدافه.

النقطة الثالثة: فيما يتعلق بمدينة بيروت بالتحديد، كنا تمنينا واعود واتمنى على المنظمات الشبابية والاخوة في الاحزاب والناس عموما، نحن نريد ان نتجنب اي مظاهرات او اعتصامات كبيرة حاشدة حتى لا تتوافر مادة يمكن من خلالها ان يتسرب البعض ليوجد خللا امنيا او لتصبح هناك شعارات أوشعارات مضادة، مما يؤدي الى انقسامات في الشارع، لكن الاهم على هذا الصعيد حرصنا وسعينا ليكون هناك تضامن حكومي وتضامن سياسي في البلد أي على المستويين السياسي والرسمي.

منذ الايام الاولى، لاحظنا ان الاسرائيليين والأميركيين يحرصون ويحرضون على ايقاع الفتنة والشقاق بين اللبنيانيين في داخل الحكومة اللبنانية وبين القوى السياسية، وكشاهد على ذلك، منذ الايام الاولى ونحن نتابع الاعلام الاسرائيلي نجد ان بعض المسؤولين الاسرائيليين وبعض كبار الكتاب من الصحافيين الاسرائيليين يقولون ان هناك جهات حكومية في لبنان كانت تتصل بهم، وتؤكد عليهم ان لا يوقفوا هجومهم، وان يستمروا، وان هذه هي الفرصة الذهبية والتاريخية للقضاء على المقاومة في لبنان، وبالتحديد على “حزب الله” في لبنان. طبعا، نحن لا نصدق هذا الكلام الاسرائيلي ونصنفه في دائرة الايقاع بين اللبنانيين.

كذلك، مثلا شاهد آخر ما صرح به امس او قبل امس جون بولتون المندوب الصهيوني الاميركي في مجلس الامن الدولي لاحدى محطات التلفزة الاميركية عندما سمع بأن الحكومة اللبنانية لديها تحفظات او اعتراضات على مشروع القرار الاميركي - الفرنسي المقدم من مجلس الامن، فقال انه تفاجأ بموقف الحكومة اللبنانية لانه يقول انه نسق هذا القرار او هذه المسودة مع حكومة لبنان وحكومة اسرائيل، ايضا هذا الكلام، نحن لا نقبل به لان هدفه الايقاع بين القوى المشاركة في الحكومة والايقاع بين المقاومة والدولة، في كل الاحوال، هناك مساع واضحة وجادة على المستوى السياسي وعلى المستوى الاعلامي وعلى المستوى التحريضي تبذل لفك هذا التضامن الذي نشأ، وكان واضحا خلال كل ايام واسابيع الحرب القائمة.

من هنا، تصرفنا وعملنا بمسؤولية عندما قدم رئيس الحكومة خطة النقاط السبع، وتمت مناقشتها في الحكومة. تعاطينا مع هذا الطرح بايجابية، كانت لدينا تحفظات حول بعض النقاط، هناك نقاط قد لا نتحفظ عليها بالمبدأ، ولكن تفصيلها في حاجة الى نقاش، وسجلت هذه الامور في محضر الجلسة، ولكن جميعنا كنا حريصين على ان نقدم موافقة اجماعية على هذه الخطة لنواجه بها العالم، وهذا ما كنت اشرت اليه في رسالة سابقة، وتجاوزنا اعلاميا تحفظاتنا وملاحظاتنا، وقدمت الحكومة اللبنانية خطة من سبع نقاط لتقديم طرح او تصور للمعالجة السياسية لوقف العدوان والحرب، ويمكن الاستناد اليها امام المجتمع الدولي والدول العربية، ثم جاءت الدول العربية لتؤيد وتدعم خطة الحكومة اللبنانية المؤلفة من نقاط سبع, في بعض هذه النقاط، ما يتعلق بانتشار الجيش.

في كل الاحوال، الحكومة اللبنانية قدمت خطة النقاط السبع، ولكن قوبلت من الاميركيين والفرنسيين في مسودة المشروع المقدم إلى مجلس الامن بمشروع قرار اقل ما يمكن ان يقال فيه انه جائر وظالم، ويعطي الاسرائيليين اكثر مما ارادوا واكثر مما طلبوا. وفي كل الاحوال، اكتفينا ونكتفي بالمطالعة الدقيقة والجامعة والقوية والمتينة التي قدمها دولة الرئيس نبيه بري، تعليقا على مشروع القرار الاميركي - الفرنسي المقدم إلى مجلس الامن.

وكان الرد على خطة النقاط السبع وعلى التضامن اللبناني هذه المسودة المعدة لاتخاذ قرار، والتي ارادت في الحقيقة ان تعطي الاسرائيليين بالسياسة والضغط الدولي ما عجزوا عن أخذه في القتال.

بدأت مساع لبنانية وعربية ودولية في شكل أو بآخر من أجل تعديل مشروع القرار الاميركي - الفرنسي بما يلبي المطالب اللبنانية، كما وردت في خطة الحكومة ذات النقاط السبع.في كل الأحوال أثناء هذا السعي السياسي والدبلوماسي وهذه المعركة السياسية والدبلوماسية الكبيرة سوف يتضح في كل الأحوال من يقف بجانب لبنان ومن يفضل اسرائيل بالمطلق على لبنان. في سياق هذه المساعي السياسية، قيل لنا لو أن الحكومة تبادر وتجتمع وتتخذ قرارا وتعلنه يرتبط بنشر الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية، لأن الجيش اللبناني موجود في الجنوب وموجود في جنوب الليطاني لأن البعض يقول نشر الجيش في الجنوب، نعم الجيش كجيش غير متواجد على مقربة من المنطقة الحدودية حيث تتواجد قوة أمنية لبنان رسمية مؤلفة من قوى الأمن الداخلي وبعض الأجهزة الأمنية ومخابرات الجيش.

إذا أعلنت الحكومة استعدادها لإرسال الجيش اللبناني خمسة عشر ألف جندي للانتشار في كامل هذه المنطقة، فإن هذا سيساعد لبنان كثيرا وسيساعد أصدقاء لبنان كثيرا للضغط في اتجاه تعديل مسودة القرار الذي يعد ويناقش في مجلس الأمن، وسيفتح الطريق أمام معالجة سياسية مناسبة تؤدي الى وقف العدوان على لبنان.

ولكن رغم إعلان الحكومة اللبنانية قرارها واستعدادها، وبالاجماع، والكثيرون الآن توقفوا عند كلمة بالاجماع، المحصلة حتى الآن ان الادارة الاميركية ما زالت مصرة على شروطها ومتمسكة بغطرستها وبغلوائها، وهي اليوم بالتحديد ارسلت السيد ولش بالتزامن مع قرار الحكومة الاسرائيلية المصغرة توسيع العمليات البرية من أجل إرعاب الحكومة اللبنانية واللبنانيين وإخافتهم والضغط عليهم للقبول بالشروط القديمة الجديدة التي جاء بها ولش الى لبنان.

في كل الأحوال في المسألة السياسية نقطة أود أن أعلق عليها وأجيب عنها لأنها طرحت كتساؤل لدى السياسيين ووسائل الاعلام، وهي جديرة بالشرح والتوضيح، وذلك في ما يتعلق بموقفنا من انتشار الجيش في المنطقة الحدودية، نحن في السابق كنا نعترض على نشر الجيش على الحدود ليس شكا في الجيش لا سمح الله لأن هذا الجيش هو جيش وطني، ومنذ سنوات طويلة نمتدحه ونمتدح عقيدته وقيادته وتركيبته، وعبرنا في أكثر من مناسبة عن ثقتنا به قيادة وضباطا وأفرادا، لأن هذا الجيش هو من هذا الشعب، من رجاله وشبابه وأبنائه، ولا يختلف عن حقيقة وجوهر هذا الشعب الأبي والوفي.

وعندما كنا نعترض أو نتحفظ ليس خوفا من الجيش لأن هذا الجيش الوطني لا يمكن أن يخاف منه أبناء شعبه، ولكن الحقيقة كنا نخاف على الجيش من خلال نشره على الحدود الدولية لأن المسألة واضحة تضع جيشا نظاميا على الحدود الدولية مباشرة في مواجهة عدو يعتدي في أي لحظة من اللحظات هو أن تضع هذا الجيش في فم التنين ويقال بالعامية “في بوز المدفع”، جيش لا يملك دبابات ومدرعات ولا سلاح جو ولا غطاء جويا كافيا يمكنه في أي لحظة عدوانية أن يتعرض للتدمير خلال أيام قليلة جدا. المواجهات التي جرت الآن في الجنوب تؤكد هذا المعنى، المقاومة إنما صمدت حتى الآن في عيتا الشعب وكفركلا وعديسة والطيبة وبنت جبيل وعيترون وكل البلدات الأمامية بسبب أنه ليس لها وجود كلاسيكي ونظامي ولها طريقة متمايزة في التواجد ولا تملك أي غطاء جوي، العدو الاسرائيلي يقصف ويضرب ويدمر ولكنه لم يستطع أن ينال من إرادة المجاهدين ولا من قدرتهم على الحركة.

نحن نخاف على الجيش في المنطقة الحدودية. والآن أقول نحن وافقنا في الحكومة وسأعود للاعتبارات بعض قليل على انتشار الجيش في المنطقة الحدودية لكن لا نخفي خوفنا عليه لأننا عندما نرسل الجيش الى المنطقة الحدودية في وضعه الحالي وبامكانياته الحالية وخصوصا إذا لم تعالج المسائل العالقة بين لبنان وبين العدو الاسرائيلي وبالأخص إذا بقي لبنان عرضة للخروقات الاسرائيلية التي لم تتوقف منذ الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 الى اليوم في الجو والبحر والبر فهذا يعني أننا نضعه أمام فم التنين. هنا نخاف على الجيش.

هناك أيضا خوف آخر وكنا نجاهر به أيضا، كنا نقول الجيش عندما يذهب الى الحدود يجب أن يكون حرسا للبنان ومدافعا عن الوطن وليس حارسا للعدو.

في كل الأحوال هذه الوظيفة، وظيفة الحراسة للوطن أو الحراسة للعدو وهي لا ترتبط بقرار قيادة الجيش وإنما ترتبط بقرار السلطة السياسية.

الآن في الاجتماع الأخير الحكومة اللبنانية تقول وتقرر بأن مهمة الجيش الأساسية هي الدفاع عن الوطن وحراسة الوطن من خلال تواجده على الحدود وحفظ الأمن الداخلي إذا هناك قرار واضح وهذه الخشية لا مكان لها فعلا الآن.

وثانيا اذا كان الجميع يرى ان انتشار الجيش يساعد على ايجاد مخرج سياسي يؤدي الى وقف العدوان وهذا هو مخرج وطني مشرف بالنسبة لنا وان الذي سينتشر على الحدود هو الجيش الوطني وليست قوات غازية أو قوات مرتزقة أو قوات تعمل بأمرة الأعداء.

الجيش الوطني الذي يعمل بأمرة الحكومة اللبنانية المنتخبة. بهذا المعنى كمخرج نحن نقبل به بالرغم من محاذيره التي ذكرتها قبل قليل ولا نقف عائقا أمام قرار أو خيار من هذا النوع.

هذه هي إذا الحيثيات، انتشار الجيش اللبناني هو الذي يحفظ السيادة والاستقلال وهذا هو البديل الأفضل والأنسب لانتشار قوات دولية لا نعرف بأمر من تأتمر وما هي المهمة التي ستقوم بادائها وبوظيفتها. نعم قلنا وهذا مجمع عليه في النقاط السبع أن تعزيز قوات اليونيفيل لتكون مساعدا للجيش اللبناني في أداء مهمته والقيام بدوره.

هنا قيلت أمور أخرى ترتبط بمرحلة ما بعد انتشار الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية أو بالأصح استكمال انتشار الجيش في منطقة جنوب نهر الليطاني، هذه الأمور الآن لن أناقشها وسأتركها للنقاش الداخلي لأن مقتضى الحرص والمسؤولية والتضامن يفترض مني ذلك في هذه المرحلة ولأكثر من سبب.

إذا نحن الآن وبالرغم من الاجماع الوطني اللبناني على خطة الحكومة والتمسك بالنقاط السبع نجد اليوم ان الاميركيين ما زالوا يعطلون أي إمكانية للتوصل الى مشروع قرار يأخذ بالاعتبار المطالب الوطنية اللبنانية والحقوق الوطنية اللبنانية وما زال الاميركي يعمل بكل جهد لفرض شروط اسرائيل على لبنان ولتحقيق مصالح اسرائيل بالكامل على حساب مصلحة لبنان.

هنا أود أن أدعو من جديد الى الارادة السياسية والى الصمود السياسي وعدم الخضوع للاملاءات والضغوط الاميركية أيا تكن هذه الضغوط وأيا يكن الوضع الميداني الذي هو وضع صلب وقوي وسأتحدث عنه بعد قليل.

وأدعو الحكومة اللبنانية الى مزيد من الصمود السياسي والى التمسك بخطة النقاط السبع التي أجمعنا عليها كلبنانيين لأن أي تجاوز لبنود هذه الخطة التي اعتبرت برأينا تحفظ الحد الادنى من الحقوق الوطنية والمطالب هو خروج على الاجماع الذي كنا جميعا حريصين عليه في كل المراحل السابقة.

هنا آتي الى اجواء الحرب القائمة في الشق الميداني في آخر كلمة متلفزة تحدثت ان العدو سيلجأ نتيجة الاخفاقات العسكرية والتي ما زالت مستمرة الى الان على كل حال سيلجأ المزيد من الضرب للبنى التحتية والمنشآت المدنية وللاعتداء على المدنيين بالفعل هذا هو الذي يحصل المزيد من المجازر من البقاع الى الشياح الى الغازية الى اماكن كثيرة لا تعد ولا تحصى وهنا طبعا تتضح اكاذيب الصهاينة التي يقولها قادته ومسؤولوه ان صحافتهم واعادها بالامس سفير اسرائيل بالامم المتحدة هم يقولون انهم يقصفون هنا او هناك لان هناك منصات صواريخ يستخدمها حزب الله هل كانت منصات الصواريخ متواجدة بين المشيعين في الغازية حتى يقومون بقصف الغازية اثناء تشييع الشهداء هل كان الحي السكني المليء بالعائلات من رجال ونساء واطفال في الشياح يخفي او على سطحه منصة صواريخ تطلق على الصهاينة هذه كلها كلمات وادعاءات فارغة وهذا كله يحصل عمدا قتل المدنيين من رجال ونساء واطفال يحصل عمدا لان الوسيلة الوحيدة المؤلمة والمتاحة امام هذا العدو العاجز عسكريا المتوحش في سفك الدماء للضغط على اللبنانيين وعلى المقاومة وعلى الدولة ايضا للاستمرار في ضرب المساكن والتدمير الممنهج للبيوت وللابنية في الصضاحية الجنوبية على سبيل المثال هناك ابنية خالية خاوية لكنه في كلا يوم يأتي ليهدم عددا من الابنية.

اليست هذه جرائم حرب اليس قتل الاطفال والنساء جرائم حرب اليس قتل الاطفال والتي لا تستخدم اساسا والتي لا صلة لها لا بقادة حزب الله ولا يمقاتلي حزب الله؟

اليست هذه جرائم حرب والاستمرار في تدمير ما بقي من البنية التحتية اللبنانية هل يصدق احد ان كل هذه الجسور والطرقات والبنية التحتية دمرت فقط لمنع خطوط الامداد عن المقاومة وهل هذا الامر منطقي ومعروف اما ان الهدف تدمير البشر والبنية التحية للضغط على اللبنانيين ، قتل المدنيين للضغط على اللبنانيين تدمير البيوت للضغط على اللبنانيين من اجل ان يستسلموا ويخضعوا او يقبلوا بالشروط الاسرائيلية التي شنت اساسا من اجلهاالحرب. في الحقيقة من المحزن والمؤسف وغير المستغرب ان في مجلس الامن الدولي مسودة مشاريع القرارات لا تحتوي اي لوم للصهاينة على كل ما ارتكبوه من جرائم حرب ومجازر ومن اعمال ابادة جماعية في لبنان ومن تدمير ممنهج في لبنان ان تقوم انت بأسر اسرائيليين عسكريين عملية عسكرية بحتة تستحق كل الادانة والشجب من المجتمع الدولي أما رد الفعل الذي يذهب بعيدا في تدمير الحجر وقتل البشر وتجاوز كل القوانين والأعراف لا يستحق حتى اللوم.

لسنا متفاجئين لأن مجلس الأمن يعجز عن إدانة اسرائيل في قتلها لجنوده العاملين في إطار قواته في جنوب لبنان. بالتأكيد هذا المجلس العاجز عن إدانة اسرائيل في مجزرة قانا سيكون عاجزا بفضل الفيتو الاميركي المطلق عن توجيه لوم لاسرائيل في كل مجريات الوحشية لهذه الحرب القائمة.

في هذا السرد عبرتان، أيها الأخوة والاخوات، العبرة الأولى ان نفهم هذا العدو ذو الطبيعة العدوانية المتوحشة الهمجية الذي نعيش في جواره والذي يريدوننا أن نعيش معه بسلام. نعيش بسلام الى جانب قاتل الأطفال وقاتل النساء ومدمر البيوت الوحشي الذي لا حدود لوحشيته والهمجي الذي لا حدود لهمجيته.

والعبرة الثانية، ان نعرف ان مجلس الأمن الدولي هذا لا يملك أي قدرة أو إمكانية لحماية لبنان وان كل ما يخطط له ويدرس اليوم ويبحث اليوم ويقرر اليوم هو كيف يحمي اسرائيل وليس كيف يحمي لبنان هذا للعبرة.

أدخل الى الواقع الميداني المباشر وأقول نعم نحن في الميدان ما زلنا صامدين وما زلنا أقوياء وهذا بحد ذاته انجاز كبير للمقاومة وإخفاق كبير للعدو فيما أعلنه من اهداف حول هذه المقاومة.

ما زلنا نقاتل في القرى الأمامية في الخط الأمامي مع العلم اننا لسنا ملتزمين بالتمسك بالجغرافيا إلا أن المقاومين البواسل يصرون على البقاء والقتال حتى أخر طلقة ما دام هناك طلقة، ما دام هناك عبوة ما دام هناك صاروخ ما دام هناك إمكانية للقتال لا يزالون يقاتلون.

تصوروا ان القتال حتى هذه الساعة ما زال مستمرا في بلدة عيتا الشعب على الحدود مباشرة كذلك في بقية البلدات الحدودية وأبناؤكم واخوانكم من مجاهدي المقاومة هناك يجترحون المعجزات في الحقيقة ويقدمون نموذجا جهاديا، نموذجا باسلا، نموذجا شجاعا قل نظيره في التاريخ وليس في الواقع المعاصر.

نقاتل في البلدات الأمامية وايضا نقاتل في المواقع الأمامية، بالأمس هاجم مجاهدو المقاومة الاسلامية الموقع العسكري الاسرائيلي في جل العلام الواقع على الحدود واشتبكوا ايضا في اللبونة على الحدود وأوقعوا قتلى وجرحى في صفوف العدو. اخوانكم المجاهدون ما زالوا في الخطوط الأمامية في المواقع الأمامية يقاتلون ويبادرون ايضا.

الاسرائيليون يستطيعون أن يتسللوا ليلا في بعض الأودية ويقومون بإنزالات في مواقع خلفية، ما يلبث المجاهدون أن يكتشفوها ويهاجموها ويوقعوا فيها اصابات. الاسرائيليون اليوم أنفسهم يعترفون بأنهم ينقلون المدد والدعم بالمروحيات من خلال الحيوانات، لأن تحرك آلياتهم ومدرعاتهم المكشوفة في أرض الجنوب تجعلهم صيدا سهلا لمجاهدي المقاومة. هذا هو الواقع الميداني حتى الآن هناك عدد كبير من الدبابات الميركافا تم تدميرها وهذا التفصيل مهم ولو كنت أذكره أنا بمعنى ما يزيد على ستين دبابة ميركافا تم تدميرها حتى الآن الى عدد كبير عشرات الجرافات العسكرية، ناقلات الجند العسكرية، ما يزيد من حيث المجموع على مئة دبابة وناقلة جند وجرافة عسكرية تم تدميرها حتى هذه الساعة.

وأنا لا أتحدث عن قتلى المستوطنين ولا عن جرحى المستوطنين بل أتحدث عن الضباط والجنود.

ما يزيد على مئة ضابط وجندي قتلوا حتى الآن في المواجهات وما يزيد عن أربعمئة ضابط وجندي جرحوا حتى الآن في المواجهات. العشرات منهم في حال الخطر الشديد باعتراف العدو نفسه، هذا في المواجهة البرية الميدانية. في القصف الصاروخي، ما زالت فعالية المقاومة كما كانت في أيامها الأولى أكثر من هذا بالأمس عندما قال أولمرت ان حزب الله لم يعد كما كان أجابه أبناؤكم واخوانكم من مجاهدي المقاومة ب350 صاروخ تقع على مختلف القواعد العسكرية والمستعمرات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة وحتى هذه اللحظة فشل في تضعيف هذه القدرة الصاروخية المتاحة لحزب الله وللمقاومة مما يؤدي الى المزيد من بقاء تلك المناطق في الملاجىء أو النزوح أعداد كبيرة منهم والى أضرار اقتصادية ومادية ومالية وبشرية كبيرة ما زال العدو يخفيها، لاحظوا على طول الحروب العربية كان يقال ما عند الاسرائيليين ويخفى ما عند العرب، أما اليوم فعندما يقصف لبنان أو تدمر أبنية أو يسقط شهداء أو ترتكب مجازر، بالرغم من التأثيرات النفسية السلبية لهذه المشاهد أحيانا لكن كل ما عندنا يقال، ولكن عند الصهاينة اليوم كل شيء مخفي، أين تسقط مئات الصواريخ هم حتى الآن يتحدثون عن أكثر من ثلاثة آلاف صاروخ نزلت عندهم سقطت عندهم، أؤكد لكم ان هذه الصواريخ مسددة إلهيا ومسددة ايضا فنيا وتقنيا ولا تضرب عشوائيا ولكن الاسرائيليين يضربون ساترا حديديا من الاعلام، نعم أحيانا يروجون في بعض وسائل الاعلام ان صاروخا سقط في طريق فارغ أو غابة أو في واد للنيل من عزيمة المقاومين وللقول لهم أن لا جدوى من صواريخكم، اذا لم تكن هناك جدوى من صواريخ المقاومة، اذا اسمحوا لوسائل اعلام ولصحافيي العالم أو يصوروا كل الأماكن التي استهدفتها صواريخ المقاومة. حتى الآن كما يحصل فعلا في لبنان، الصحافيون يذهبون الى كل المناطق ويصورون ويكشفون للعالم أين تقع وأين تسقط أطنان المتفجرات التي تلقيها طائرات العدو، في كل الأحوال، اليوم خرجت علينا الحكومة الصهيونية المصغرة بقرار توسيع العملية البرية متزامنة مع زيارة نائب وزيرة الخارجية الاميركية السيد وولش الى بيروت، هل هذا القرار هو جزء من حرب نفسية للضغط على اللبنانيين ليقبلوا بما جاء به السيد وولش اليهم أن ان هذا القرار هو جدي وفعلي للميدان، ما هي حدود هذا القرار هل هي التوسع أكثر من المرحلة الحالية أو الوصول الى نهر الليطاني، في كل الأحوال الاسرائيليون حتى الآن لم يستطيعوا أن ينجزوا السيطرة على الشريط الحدودي الذي قالوا انهم يريدون العودة اليه كما كان عليه الحال في السابق، وأنا قلت ان القتال ما زال في جل العلم وفي اللبونة وفي القرى الأمامية والمواقع الأمامية، في كل الأحوال قد يلجأ العدو ويركز على محور الطيبة لأن هي أقرب نقطة تصل الى نهر الليطاني ليقول للعالم، ها نحن وصلنا الى نهر الليطاني والفاصل بين اصبع الجليل ونهر الليطاني من جهة الطيبة هو فاصل بسيط ومتواضع، بكل الأحوال أنا اقول للصهاينة يمكنكم أن تأتوا الى أي مكان يمكنكم أن تجتاحوا أن تنزلوا قواتكم المحمولة جوا وأن تدخلوا الى هذه القرية أو تلك النقطة وهذا كلام ليس جديدا وأنا أعيده ولكن كل ذلك سيلحق بكم تكلفة باهظة، لم تستطيعوا البقاء في أرضنا لو دخلتم أرض جنوبنا الغالي سنحولها الى مقبرة للغزاة الصهاينة، هؤلاء الذين يقاتلونكم في الخطوط الامامية ،يقاتلونكم ببسالة وننتظركم عند كل قرية وعند كل تل وواد وعند كل مرحلة جديدة ينتظركم آلاف المجاهدين المستعدين العازمين الشجعان الذين يتشيهون باخوانهم الذين ما زالوا يقاتلون ايضا في الخطوط الامامية في الميدان، هذا ما ينتظركم هذا ما نحبه هذا ما نرغبه، نريد أن يقف العدوان كل العدوان ولكن ان كان لا بد من منازلة فأهلا وسهلا بالمنازلة الميدانية كما جرى حتى الآن، أنتم الجبناء تقتلون نساءنا وأطفالنا وشيوخنا وتدمرون بيوتنا، أما نحن فنقتل ضباطكم وجنودكم وندمر دباباتكم وقواعدكم، هذه هي الحقيقة الميدانية المشرفة التي نواجهكم بها.

في الختام، أود أن أؤكد أولا للبنانيين وللحكومة اللبنانية أنه برغم من آلام النازحين والصامدين والمدنيين ما زال لبنان يستند الى واقع ميداني قوي والعدو هو المربك وهو العاجز وهو الفاشل حتى الآن، في إجراء غير معهود يعزل قائد المنطقة الشمالية وينتدب نائب رئيس أركان جيش العدو لقيادة الجبهة هذا تطور مهم وخطير ويفهمه الخبراء العسكريون جيدا، أدعو اللبنانيين وأدعو الحكومة اللبنانية الى المزيد من الصمود كما هي المقاومة صامدة، وأدعو أهلنا النازحين ايضا والمحتضنين لهم الى المزيد من الصبر لأنكم أنتم وخصوصا بعد كل هذه التضحيات، عبرتم وقلتم ورفضتم الهوان والذل والخضوع وتحقيق مصالح العدو على حساب التضحيات ودماء الشهداء وكل ما قدم حتى الآن، وأقول للعدو أقول له، مقالة سيد شهدائنا وقائدنا السيد عباس الموسوي “حتى الآن لقد رأيتم بعض بأسنا” أهلا وسهلا بكم في العملية البرية الواسعة التي سترون فيها كل بأسنا إن شاء الله.

ولعرب حيفا، رسالة خاصة، أقول نحن حزنا ونحزن لشهدائكم ولجرحاكم أنا أرجوكم وأتوجه اليكم أن تغادروا هذه المدينة أتمنى عليكم أن تفعلوا ذلك. خلال الفترة الماضية، أن وجودكم وما أصابكم جعلنا نتردد في التعرض لهذه المدينة، برغم من أن الضاحية الجنوبية تقصف سواء ان قصفت حيفا أو لم تقصف حيفا وبقية العمق اللبناني يقصف أرجو ان تريحونا من هذا التردد وأن تحقنوا دماءكم التي هي دماؤنا وان تغادروا هذه المدينة.

ولكل مجاهد في المقاومة اليوم لكل مجاهد ما زال يقاتل ولكل مجاهد متربص ومنتظر لكل الأحياء الأبطال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ولم يبدلوا، ولم يبدلوا إن شاء الله، أقول لهم كلام أميرهم عليه السلام، تد في الأرض قدمك تزول الجبال ولا تزول أعر الله جمجمتك وانظر الى أقصى القوم واعلم ان النصر من عند الله سبحانه. يا اخواني لقد أحسنتم البلاء حتى الآن واجترحتم المعجزات، وأصبحتم الاسطورة. العالم كله ينظر اليكم وشرفاء العالم كله ينظرون اليكم.

الأمة واللبنانيون يراهنون عليكم، عوائل الشهداء الذين مضوا، الجرحى الذين يحملون آلام النزوح وآلام الصمود كل الأحرار ينظرون اليكم. أنتم كما كنتم وكما قلتم وكما نقول، أنتم الأمل وأنتم الرهان وأنتم النصر الآتي. دعاؤنا لكم ونحن معكم، أعانكم الله وثبتكم الله وأعزكم الله ونصركم الله يا اشرف عباد الله، معكم لم نر إلا النصر والعزة والكرامة ولن تكون خاتمة هذه المعركة إلا الخزي والعار والهزيمة لأعدائنا الصهاينة ولكل الذين يرضون بعدوانهم ويراهنون على عدوان هؤلاء الصهاينة المفسدين في الأرض القتلة للأنبياء.

المزيد...

٠٤ أغسطس ٢٠٠٦

كلمة السيد حسن نصر الله عبر تليفزيون المنار يوم 3 أغسطس/آب 2006

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين وصحبة المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى: “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل”

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مجددا ً أتوجه إليكم اليوم، وقد دخلنا في الأسبوع الرابع للحرب المفتوحة التي أعلنتها “إسرائيل” على لبنان، وكالعادة، أجد نفسي معنيا بالتحدث عن عدد من النقاط والمسائل المرتبطة بالتطورات الميدانية والسياسية والعامة الحاصلة على مستوى هذه المواجهة، وان كنت سأركز في شكل أساسي على بعض الأمور الميدانية لأهميتها، ولأنني منذ اليوم الأول كنت أقول لكم إن الميدان هو العامل الأول والأساسي والحاسم في هذه المعركة إلى جانب العوامل الأخرى المهمة والأساسية، والتي لا يمكن تجاهلها أو التغاضي عنها. لذلك، سأحاول في هذه الكلمة أن أركز على بعض الجوانب الميدانية نتيجة حساسيتها وأهميتها في المعركة الدائرة الآن.

أخاطبكم في الوقت الذي يخوض فيه إخوانكم وأبناؤكم من مجاهدي المقاومة مواجهات بطولية على امتداد الخطوط الأمامية في جنوب لبنان عند كل قرية وبلدة وتلة وواد وموقع. أبدأ من هنا، ومن المواجهات البرية التي يخوضها المجاهدون في مقابل مجموعة من الألوية، كما أعلن العدو، وهذا لم يعد أمرا جديدا مجموعة من ألوية الجيش الإسرائيلي، ألوية النخبة، ألوية المظليين، ألوية المدرعات، وفي ظل تغطية كثيفة جدا وعنيفة جدا من سلاح الجو الإسرائيلي.

أبدأ إذا أولا من المواجهات البرية، هذه المواجهات البرية القائمة الآن بدأت منذ اليوم الأول للحرب والعدوان، منذ اليوم الأول كانت هناك مواجهات على الأرض، نعم ما حصل الآن أن هذه المواجهات أصبحت أشمل وأوسع وأشد وأعنف. وكلنا يتذكر ان المواجهات التي حصلت في مارون الراس، في عيترون، في عيتا الشعب في الأيام الأولى، والمواجهات البطولية والتاريخية التي حصلت على مثلث الرجولة في بنت جبيل، مارون الراس، عيترون، اليوم أو خلال اليومين أو الثلاثة أيام الماضية، نعم هذه المواجهة الميدانية والبرية أخذت شكلا مختلفا، ودخل فيها عدد من الألوية وعشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين والمئات من الدبابات والآليات الإسرائيلية، ولكن في المقابل يقف المجاهدون ببسالة وشجاعة وقوة ويواجهون هذا التقدم، وبالرغم من مضي هذه الأيام نجد أن القتال ما زال في الخطوط الأمامية، وفي القرى الأمامية، وفي المواقع الأمامية. هذه المواجهة البرية، أيضاً، فوجيء بها الصهاينة منذ البداية، ولكن الآن هم يتأكدون من أن استنتاجاتهم الأولى التي أخذوها عن معركة مارون الراس أو عيترون أو عيتا الشعب أو بنت جبيل أو غيرها تتأكد لديهم من خلال وقائع هذه الأيام، وأهم أمرين على المستوى الميداني يبرزان في هذه المواجهات:

الأمر الأول: ما يرتبط بالعنصر البشري، طريقة الإسرائيليين أنهم عندما يأتون ليحاصروا أو ليقتحموا بلدة معينة، يتركون طريقا خلفيا من أجل أن يخرج منها المقاتلون أن يهربوا، أن يفروا، ولكن في كل المواجهات التي خاضوها حتى الآن، بقي المقاتلون يقاتلون حتى آخر نفس، حتى آخر طلقة، وحتى رغم كل الظروف القاسية والصعبة التي كانوا يواجهون بها. إذا المواجهات القائمة الآن فوجىء بها الإسرائيلي، بالعنصر البشري للمقاومة، وقد أثبتت التجربة حتى اليوم - وستثبت إن شاء الله المزيد من ذلك - أنهم يقاتلون رجالا لديهم مستوى من الإيمان والإرادة والشجاعة والثبات والاستعداد للتضحية. وهذا الذي تحدثت عنه وقلت عن الأقدام المنغرسة في الأرض، التي لا ترتجف ولا تزول لو زالت الجبال، هذا يراه الإسرائيليون في كل موقعة وفي كل مواجهة.

أولا العنصر البشري، ولو سألتم الخبراء العسكريين سيقولون لكم إن ما يجري في هذه المواجهات هو أشبه بمعجزة، وان ألوية بكاملها بدباباتها وآلياتها وبتغطية كثيفة جدا من سلاح الجو، تهاجم مجموعات المقاومين في هذا البلدة أو تلك البلدة، وفي هذا الموقع، وذاك الموقع، ومع ذلك هؤلاء يبقون ويقاتلون ويصمدون ويسقطون، وأكثر من ذلك يبادرون ويهاجمون ويلحقون الخسائر المادية والبشرية بالعدو. هذه معجزة بالمقاييس العسكرية المادية ولكنها بمقاييس رجال الله هو أمر طبيعي لان هذا معنى الإيمان والإرادة والصدق.

العنصر الثاني هو القدرة التي توافرت لدى المقاومة، وهذا كان أيضاً من المفاجآت، القدرة الكمية والنوعية على تدمير دبابات العدو وآلياته العسكرية هي من احدث واهم وأقوى الدبابات والآليات العسكرية في العالم، مع ذلك إن المجاهدين يتصدون ويدمرون هذه الدبابات. كل التكتيك العسكري الإسرائيلي يعتمد في شكل أساسي على التوغل بالدبابات والآليات المحصنة، ولكن عندما لا تستطيع الدبابات أن تتحرك يتحرك جنوده وضباطه على الأرض تصبح حركتهم بطيئة هذا هو الحال. اليوم عندما يخترقون أو يتقدمون في بعض المواقع هم يبحثون عن أماكن لا توجد فيها المقاومة ليتقدموا، ولكن لا تلبث أن تبادر إليهم المقاومة في أماكن تقدمهم فتلاحقهم وتقاتلهم وتطردهم. اليوم هذه الإمكانية باتت متوافرة كما ونوعا، يعني ما يسمى بالمضاد للدروع عند المقاومة والأرقام التي تسمعونها، وقد شاهدتم بعض هذه المشاهد على شاشات التلفزة من خلال وكالات خاصة ،ونحن لم نقدم حتى الآن صورا لأنه في الخطوط الأمامية الأمور قد تكون صعبة. أعداد الدبابات والآليات التي تم تدميرها حتى الآن هي أعداد كبيرة.

وأنا أؤكد أن دبابة الميركافا أو الآليات العسكرية الإسرائيلية أيضاً أمكن مواجهتها وتعطيلها وإفشالها بفعل العنصر البشري الذي يملك مستوى عال من الثبات والإمكانية العسكرية التي توفرت بحمد الله تعالى على هذا الصعيد. إذا هذان العنصران شكلا مفاجأة واضحة للعدو.

في مسألة المواجهة البرية، أنا أود أن أؤكد النقاط التالية:

أولا: العدو في المواجهة البرية كما في الصاروخية، كما في بقية المسائل التي سأتطرق إليها أيضاً يعتمد على سياسة أكاذيب واضحة وكثيرة ومكشوفة قد يكون هذا طبعه، وقد يكون هذا جزء من حربه النفسية. على كل حال البعض يعتمد هذه، ويكذب في الحرب النفسية وفي غير الحرب النفسية، على سبيل المثال في معركة مارون الراس كان القتال دائرا ولأيام، ولكنه منذ الساعة الأولى قال انه سيطر على مارون الراس. في معركة بنت جبيل قالوا نحن سيطرنا على مدينة بنت جبيل، ولكن بنت جبيل صمدت وقاتلت حتى قال أحد المحللين الإسرائيلي أو أحد المراقبين العسكريين الكبار، كتب مقالة بعنوان “هل نحن نسيطر على بنت جبيل أم بنت جبيل تسيطر علينا”. الآن يصور من خلال بياناته أنه احتل وسيطر ودخل وأمكن من إحكام سيطرته على مناطق واسعة من أراضي جنوب لبنان، والكثير من هذه الأمور حتى لا أقول كلها، غير صحيحة وكاذبة، وهي جزء من الحرب النفسية والعدو الإسرائيلي يمارسها. الأمر الثاني مرتبط بالأمر الأول، وقبل ذلك العدو يحاول أن يقدم انتصارا، وهذا غير موضوع الحرب النفسية، ويقول إنني حققت الانجاز الفلاني، وأنا استمعت إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية تقول بعد معارك عنيفة جدا أنه تمت السيطرة على موقع العباد التابع لحزب الله. ليس هناك من شيء اسمه موقع العباد التابع لحزب الله، هناك نقطة على الحدود الدولية مقابل موقع العباد، نقطة مراقبة تم إخلاؤها منذ اليوم الأول وليس هناك قتال، ولكنهم يقولون انهم سيطروا على الموقع التابع لحزب الله بعد معارك عنيفة. وأنا لا أعرف المعارك العنيفة هناك مع من، هل يقاتلون بعضهم بعضا؟

في كل الأحوال، النقطة الثانية نحن في المواجهات البرية قلنا سياسة واضحة منذ اليوم الأول، ليست سياستنا التمسك بالجغرافيا، وبالتالي، نحن ليست في نيتنا أن يقتل كل مجاهدينا وشبابنا من أجل الدفاع عن هذه النقطة أو تلك التلة أو هذه البلدة. قتالنا ليس قتالا جغرافيا، وأنا قلت نحن لسنا جيشا نظاميا، ولا نقاتل بطريقة الجيش النظامي، وإنما بطريقة حرب العصابات، ومن المفيد لنا أن نسمح لهم بأن يتقدموا إلى مداخل القرى لأن هذا يوفر لنا فرصة الالتحام المباشر وإلحاق الخسائر المادية والبشرية بهم، وهذا هو هدفنا من المواجهة البرية، هدفنا إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر المادية والبشرية بقوات العدو، وهذا ما يتحقق حتى الآن بحمد الله بدرجة كبيرة، ولذلك أن يقول العدو انه دخل هذه التلة أو تلك القرية هذا الأمر لن يغير من إستراتيجية قتالنا، ولا من تكتيكنا ولا من معنويات مقاتلينا بل العكس، ما يقوله العدو أنه دخل هذه القرية أو تلك التلة بعد 23 يوما من القتال والقصف العنيف والمواجهات البرية، والاستفادة من ألوية عدة من الجيش والنخب والاحتياط دخلت هذه القرية، ما هو هذا الانجاز العظيم. هذا انجاز المقاومة، أن هذه القرية صمدت حتى اليوم، وذاك الموقع صمد حتى اليوم، ونعرف أن طريقة الإسرائيليين هي أن دباباتهم وألويتهم تجتاح وتدخل عشرات الكيلومترات خلال ساعات، ولكنها تمشي بالأمتار خلال أيام في أرض جنوب لبنان، هذا أولا في المواجهة البرية.

ثانيا: في ما يتعلق بالبحر، طبعاً ضمن سياسية إخفاء الخسائر التي تحدثت عنها في الأيام الأولى أنا أؤكد البيان الذي صدر عن المقاومة الإسلامية أن صواريخ المقاومة استهدفت سفينة حربية إسرائيلية من نوع (ساعر أربعة ونصف) مقابل شواطئ صور. الإسرائيليون نفوا وانتهى الأمر عند هذه الحدود وطويت المسألة في وسائل الإعلام لكن طالما أنا أتحدث بالأمور الميدانية يجب أن أشير إلى هذا الأمر وأقول عندما ضربنا البارجة (ساعر خمسة) مقابل شواطئ بيروت سارع الجيش الإسرائيلي إلى النفي لكن صادف في ذلك اليوم أن السفينة الحربية كانت قريبة من الشواطئ واستطعنا أن نصور إطلاق الصواريخ وأن نصور الإصابة وبعدها قدمنا الفيلم واضطر الصهاينة للاعتراف بأن هناك سفينة عسكرية أصيبت وأن لديهم جنودا مفقودين يبحثون عنهم في البحر، بالنسبة إلى الضربة الثانية التي أنا أؤكد على حصولها ولست بحاجة الآن إلى الاستغلالات لأن الوسائل الفنية التي حددت لنا موقع هذه السفينة وبالتالي أمكننا ذلك من ضربها هي التي تؤكد لنا أن هذه السفينة قد أصيبت ولكن في مقابل شواطئ صور كان هناك ضباب كثيف وكانت بعيدة جدا عن الشاطئ ولكن هذا الأمر قد تم تحقيقه على كل حال وبطبيعة الحال في معركة من هذا النوع أن يقدم العدو على إخفاء هذا الأمر ويخرج علينا في الإعلام ويقول إن هذه السفينة التي يدعي حزب الله أنه أصابها قد ركبها قبل أيام أولمرت وكان يتجول علنا من أين لنا أن نعرف ذلك أن أولمرت ركب على نفس السفينة التي قمنا بقصفها أو سفينة أخرى.

ثالثا: في القصف الصاروخي في مسألة القصف الصاروخي بالرغم من قاله العدو الصهيوني حتى الآن على هذا الصعيد فإن القصف الصاروخي للمستعمرات في شمال فلسطين وصولا إلى ما بعد حيفا سيستمر بل بوتيرة أعلى كما ونوعا يوم أمس أطلقت المقاومة الإسلامية أكثر من 300 صاروخ على مستعمرات الشمال وضربت بصواريخ خيبر مستعمرة بيت شان أو بيسان ومدينة العفولة في العمق الإسرائيلي ما بعد حيفا، قبل أيام أعلن العدو الإسرائيلي انه سيعلق هجماته الجوية على لبنان لمدة 48 ساعة بعد ارتكاب للمجزرة في قانا، لينفس الجو ويريحه، ويخفف من وطأة المجزرة التي ارتكبها، أقدم على هذه الخطوة، في المقابل نحن أوقفنا، وهو طبعاً لم يلتزم كليا لكنه التزم نسبيا، نحن أوقفنا قصف المستعمرات في شمال فلسطين لمدة يومين، خلال هذين اليومين، هنا أريد أن أشير إلى حماقة قيادة هذا العدو وان غطرستها وإن جهلها، انظروا إلى الخطأ الذي تم ارتكابه وهذا طبعاً شاهد بالنسبة إلينا، قام أولمرت وأعلن وألقى خطاب النصر، وأعلن أن إسرائيل انتصرت في المعركة، وقال أيضاً بأنه قد أمكن بالفعل تدمير كامل للبنية التحتية العسكرية لحزب الله، ولعله استند بشكل أساسي إلى وقف قصف الصواريخ خلال 48 ساعة على المستعمرات الصهيونية، نفس هذا الكلام كرره شيمون بيريز يعني رئيس الوزراء “الغبي” قال هذا الكلام ونائب رئيس الوزراء “الخرف” قال نفس هذا الكلام، وزاد عليه بأن بنية حزب الله العسكرية قد دمرت بالكامل وان أمينه العام قد هرب إلى خارج البلاد، هذه الغطرسة وهذا الجهل منعهم من مقاربة الحقيقة التي تحدث عنها خبراء عسكريون لبنانيون وإسرائيليون وحتى مراسلون صحافيون هم يفهمون أكثر من هذه القيادة السياسية والعسكرية والمتغطرسة للعدو الصهيوني لأن الحقيقة كما قرأها هؤلاء الخبراء هي أن المقاومة قيادة المقاومة اتخذ قرار بوقف قصف المستعمرات خلال 48 ساعة لأننا أيضاً نريد أن نعطي فرصة للناس حتى يرتاحوا لنقل الجرحى لنقل المرضى لنقل الإصابات ولخروج الناس من البلدات التي تعيش أوضاع إنسانية صعبة لرفع الأنقاض، هذا هو السبب الحقيقي وبالتالي عندما توقف المقاومة 48 ساعة هذا يعني على المستوى العسكري، أن المقاومة الإسلامية ما زالت قيادتها تملك كامل التحكم والسيطرة، ليست بالجبهات بل حتى بكل منصات الصواريخ ولذلك لم يحصل أي عمل فردي وأي خرق فردي إذا هناك تشكيلات تعمل بكامل فعاليتها هناك قيادة تعطي الأمر توقت إطلاق الصواريخ وهناك قاعدة على امتداد الجبهات تتلقى الأوامر وتلتزم بهذه الأوامر، هذه هي القراءة الصحيحة لوقف إطلاق الصواريخ خلال 48 ساعة، لكن كيف قرأها العدو، ولذلك بمجرد أن انتهت هدنة وقف الهجمات الجوية على لبنان وباشر الإسرائيليون من جديد بهجماتهم الجوية على قرانا ومدننا وبنيتنا التحتية ومدينتنا، قامت المقاومة الإسلامية بالأمس وفي يوم واحد بقصف أكثر من ثلاثماية صاروخ على المستعمرات مع العلم الميزان أو المعتاد يوميا كان مئة أو مئة وخمسون، مئة وسبعون، تسعين حسب ما كنا نرغب أو نطلب من الأخوة ولكن هذا العدد بالأمس كان متعمدا وهذا العدد اليوم أيضاً كان متعمدا والمقاومة غير هذا العدد أيضاً قصفت العفولة وبيت شان والمقاومة أيضاً تستطيع وأنا أؤكد هذا من خلال أداء الأمس وأداء اليوم أنها تستطيع أن تقصف العدد الذي تريد أن تقصف كما يطلب منها، وبالعمق الذي تريده أو يطلب منها وفي الوقت الذي تريده أو يطلب منها قبل الظهر أو بعد الظهر أو في الليل ليست لدينا أي مشكلة على هذا الصعيد، إذا هذه هي الحقيقة في الموضوع الصاروخي ولذلك نجد بأن الإسرائيليون أصيبوا بخيبة وأنا أقول أن ما حصل كان بمثابة فضيحة لأولمرت ولبيريز ولوزير الحرب ولرئيس الأركان وهذا ما بدأت تتحدث عنه وسائل الاعلام الإسرائيلية وكبار المحللين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين وسمعنا أن خطاب أولمرت التراجعي الذي قال فيه للناس لم نعدكم بوقف قصف الصواريخ ولم نعدكم بكذا ولم نعدكم بكذا ووعدهم وكل هذا هذا مسجل ومثبت بالصورة وبالصوت. على كل حال هذه الخيبة الإسرائيلية وهذه الفضيحة الإسرائيلية في إحدى جوانب المواجهة دفعت برئيس الأركان يوم أمس العدو بمزيد من التهديد للبنانيين وقال انه يدرس إمكانية ضرب العمق اللبناني ومن ضمنه مدينة بيروت، وهذا على كل حال تهديد وجزء من الحرب النفسية وقد تتوفر خلفه أيضاً إرادة جدية.

هنا أقول وأعلق على هذا التهديد بما يلي.

أولا: إن العمق اللبناني باستثناء مدينة بيروت هو يقصف في كل يوم وليس بحاجة إلى قرار جديد ولا إلى درس جديد، كل الجنوب يقصف كل جبل لبنان البقاع وبعلبك الهرمل عكار طرابلس جبيل كسروان المتن بعبدا، هل هناك مكان لم يستهدفه القصف حتى الآن من العمق اللبناني، نعم بقيت مدينة بيروت وأظن أن التهديد يستهدف من خلال كلام رئيس الأركان مدينة بيروت.

ثانيا: في ما يتعلق بمدينة بيروت طبعاً شعب لبنان كله شعب واحد.. دم واحد.. كرامة واحدة.. أمن واحد، ولذلك هنا المناطق لا تتمايز. لكن يبقى التمايز أن بيروت هي العاصمة وبالتالي هو يهدد بقصف العاصمة، أنا هنا لن استعمل العبارات التي استعملتها في السابق عندما قلت ما بعد حيفا وما بعد حيفا، لا أريد أن اترك أي مجال للتحليل طالما أن العدو يقول إنه يدرس كيف يأخذ الأمور إلى نهايتها أيضاً أن يسمع مني اليوم كلاما واضحا جدا: إذا قصفتم عاصمتنا ستقصف عاصمة كيانكم الغاصب، إذا قصفتم مدينة بيروت فالمقاومة الإسلامية ستقصف مدينة تل أبيب وهي قادرة على ذلك بعون الله.

ثالثا: وهنا أريد أن أؤكد لقادة العدو ولشعب العدو هذا الشعب الذي يعيش على الآمال خادعة وعلى الأكاذيب أن كل قصفكم الجوي واجتياحاتكم البرية لم تستطيع أن توقف قصفنا للصواريخ حتى لو أخذتم عدة كيلومترات من الحدود حتى لو احتليتم جنوب الليطاني وشمال الليطاني ووصلتم إلى بيروت لم يمكنكم أن تحققوا هذا الهدف وعلى كل حال بدأ قادة العدو السياسيون والعسكريون ومحللوه أيضاً يعترفون بهذه الحقيقة ولكن أنا أريد أن أؤكدها بشكل جازم بعون الله تعالى.

رابعا: في موضوع الصواريخ والمستعمرات أود أن أؤكد أن قصفنا للمستعمرات سواء في الشمال أو ما بعد حيفا أو وصولا إلى تل أبيب طالما أصبحت الأمور واضحة هو رد فعل وليس فعل، تعتدون على مدننا على قرانا على عاصمتنا، نحن نقوم برد فعل وفي أي وقت تقررون فيه وقف حملاتكم على مدننا وقرانا وبنيتنا التحتية نحن لن نقصف بالصواريخ أي مستعمرة أو مدينة إسرائيلية ونفضل بطبيعة الحال إذا كان هناك من قتال أن يكون القتال عسكر بعسكر وعلى الأرض وفي الميدان وهذه المعركة نحن أهلها ونحن رجالها.

بعد هذا السرد الميداني نعم يجب أن اعترف بان العدو خلال المهلة الأخيرة التي أعطته إياها كوندليزا رايس الأسبوع الماضي استطاع أن يحقق انجازين عسكريين عظيمين ومهمين ويجب أن اعترف بها:

الانجاز الأول: ارتكابه لمجزرة قانا وقلته لنساء والأطفال في البيوت الآمنة، ثم من وقاحته تبريره ذلك بان المقاومة كانت تقصف من ذلك البيت أو من جوار ذلك البيت، ثم نفى ذلك ليقول مجددا اليوم، إن المعلومات التي توافرت لديه كانت تؤكد أن في هذا البيت، يوجد مقاتلون ومقاومون من حزب الله، وهو وقع ضحية خطأ هذه المعلومات، هذه الاستخبارات الفاشلة، ومنذ اليوم الأول أنا لا اعتقد أن هناك معلومات خاطئة، اعتقد أن الصهاينة تعمدوا قتل النساء والأطفال في قانا لأنهم يعرفون أننا أصحاب عاطفة وأننا بشر. صحيح نحن نملك إرادة صلبة وشجاعة قاسية، ولكن في الوقت نفسه نحن أهل العطف وأهل الحنان وأهل الحب، ونحن نرأف بأهلنا وعيالنا ونسائنا وأطفالنا.

هم يريدون ان يضغطوا علينا هنا، وهذا ما كنت قد قلته في الرسالة الماضية، ولو قبلنا منهم قصة المعلومات الخاطئة، فهل ما يزيد على 800 شهيد مدني حتى الآن واغلبهم من النساء والأطفال قتلوا.. كل هذه المعلومات خاطئة؟ أم أن هذه هي أخلاقية الجيش الإسرائيلي وقيم الجيش الإسرائيلي وقيم هذا العدو الهمجي المتوحش. نعم هذا هو الانجاز الأول الذي تحقق في مهلة وفرصة كوندوليزا رايس، والآن هم طبعاً يعملون على أن تنسى مجزرة قانا ويتم استيعابها محليا وعالميا وإنسانيا وإعلاميا وسياسيا، وهذا ما لا يجوز أن نسمح به على كل حال، وهذه مسؤولية الإعلام والسياسيين والنخب والمثقفين وكل الناس. في الوقت الذي استطيع أن أؤكد أن قانا لم تعد وحيدة ولا غريبة في المجزرة، مع قانا صريفا، ومع صريفا بلدات وقرى كثيرة على امتداد لبنان.

الانجاز الثاني المهم: هو الكوماندوس الليلي على مدينة بعلبك. هذا الكوماندوس الليلي والذي عرضت علينا في التلفزيون بعض مشاهده في الحقيقة هم قاموا بإنزالين هناك. والإنزالان في أطراف مدينة بعلبك وليس في قلب مدينة بعلبك يعني في جوار أو يستهدف مستشفى دار الحكمة التي هي في أطراف المدينة والإنزال الثاني في حي في أطراف مدينة بعلبك.

الإنزال الأول استهدف مستشفى.. انظروا إلى هذا الانجاز العظيم! قوة كوماندوس إسرائيلية عشرات الطائرات الحربية والمروحية تنزل جنود وضباط لمهاجمة مستشفى في أطراف مدينة بعلبك وليس لمهاجمة موقع عسكري! ويدخلون إلى المستشفى وهي مستشفى ويقولون إنهم دخلوا إلى المستشفى للحصول على معلومات مهمة مخبأة هناك ومع ذلك هم دخلوا المستشفى وأطلقوا النار في غرفها وألقوا القنابل اليدوية في غرفها وهذا في كل الأحوال هو إخفاق عسكري وإخفاق معلوماتي لعدة ساعات بقي هذا الإنزال وبقيت المواجهة في محيط المستشفى التي بدأت بمبادرات من المقاومين أو المجاهدين الذين يتواجدون عموما في تلك المنطقة وهو إخفاق معلوماتي أيضاً. إنزال عظيم يستهدف مكان ثم يتبين أن ليس فيه أحد من القياديين وليس فيه أحد حتى مدير المستشفى غير موجود وليس فيه أحد من جرحى المقاومة تصوروا إنزال ويريدون أخد جرحى المقاومة وهم يعجزون عن مواجهة شباب المقاومة في بنت جبيل وعيتا الشعب والطيبة و… ولكنهم ينزلون في المستشفى ليأسروا جرحى المقاومة، والمفاجأة كانت أن المستشفى خال إلا من كادر من أربعة أو خمسة أشخاص كحالة طوارئ لأننا كنا نتصرف على قاعدة انه لا يوجد حرمات ولا محرمات ولا قيم أخلاقية لهذا العدو وبالتالي هذه المستشفى كان يمكن أن تتعرض للقصف أو لأي تهديد آخر.

الإنزال الثاني كان في أحد الأحياء المجاورة لمنطقة جبلية في مدينة بعلبك وهناك أيضاً قام سلاح الجو قبل الإنزال بتدمير عدد من المنازل المحيطة والقريبة من المنزل المستهدف. تم إنزال ضباطه وجنوده ليدخلوا إلى منزل مدني تجتمع فيه مجموعة من العائلات ورجال ونساء وأطفال ليقوم بخطف عدد من هؤلاء الرجال. وكل القصة ما هي خطأ في الاسم أنا أعرف ونحن اللبنانيين لدينا هذه المشكلة أنه أحيانا في المطار وعلى الحدود يتم توقيف أحد ما يتم احتجازه ونتيجة أن لديه اسما مشتركا مع أشخاص آخرين وقد يأخذوا وقتهم للتدقيق لمعرفة اسم الأب أو الأم وتاريخ الولادة وهل هو الشخص المقصود. اليوم عملية عظيمة جدا وكوماندوس كبير جدا يجري في ذلك الحي من مدينة بعلبك ويستهدف رجلا كبيرا وعزيزا وصاحب عائلة ورجل مكب على عائلته، ذنبه الوحيد أن اسمه “حسن نصر الله”!

هذه هي استخبارات العدو! هذه هي موساده وعظمته الأمنية وهذا هو جيشه العظيم! وبالتالي يخطف هؤلاء المدنيين. وأنا أود أن أقول هنا أن هؤلاء رهائن. ونحن لا يجوز أن نتعامل مع الخمسة المدنيين الذين خطفوا من مدينة بعلبك على أنهم أسرى حرب. هؤلاء رهائن وعلى كل العالم الذين يدين خطف الرهائن أن يدينهم وأن يطالب بإطلاق سراحهم قبل أي تبادل وبلا قيد وبلا شرط. هذه عملية خطف رهائن وليس عملية أسر.

في كل الأحوال في ختام هذه الانجازات العظيمة خلال المهلة الأميركية البوشية والرايسية إن صح التعبير، يقف رئيس أركان جيش العدو ليقول نحن كل ما أردنا أن نقوم به في بعلبك أن نثبت لحزب الله أننا قادرون أن نصل إلى أي مكان. ما هذا الإثبات العظيم!! وهل هذا يستحق كل هذا الجهد الذي قمتم به على هذا الصعيد؟! على كل حال صورتكم الحقيقة هي واضحة لدينا من خلال المواجهات البرية.

ولأفراد وجنود الكيان الصهيوني إذا كانوا ما زالوا يسمحون لهم بالاستماع إلى كلامنا أو صوتنا نتيجة السيطرة المطبقة على وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة. أنتم ضحية وأيضاً اللبنانيين والفلسطينيين ضحية عقدة نفسية موجودة عند رئيس حكومتكم هو أولمرت. هذه العقدة ما هي والكل يدفع ثمن هذه العقدة أن أولمرت يريد أن يثبت انه قائد كبير وانه مثل شارون ورابين والقادة التاريخيين الذين حكموا هذا الكيان الغاصب. أنا أقول في هذا المجال هناك شيء نجح به وآخر فشل به. نجح أن يكون مثل شارون ورابين وبيغن وأمثال هؤلاء في ارتكاب المجازر وفي القتل اليومي للنساء والأطفال وهدم البيوت في فلسطين ولبنان. نعم أنا أعترف له في هذا المجال وهو مثلهم ولا يقل عنهم ولكن في المجال ولكن في مجال القيادة السياسية والفهم العسكري والإدارة والأداء حتى اليوم اثبت انه أفشل وأعجز وأحمق رئيس حكومة تولى المسؤولية في كيان العدو الصهيوني. أيضاً أقول لهم فليسأل كل إسرائيلي نفسه اليوم عن أداء قيادته السياسية والعسكرية وعند كل هذه الحرب التي قاموا بها بعد أسر الجنديين الإسرائيليين هل أدت إلى إطلاق سراح الجنديين الفرنسيين. هل ستعيد إليهم الجنديين الإسرائيليين أبدا في الوقت الذي كان يستطيع هذا الأمر من خلال التفاوض كما فعل قبله شارون ولكن هو لم يلجأ إلى هذا الأسلوب وذهب بعيدا أيضاً فهم من يسأل أنفسهم أو يسألوا قيادتهم عندما قيل إن هدف هذه الحرب إعادة قدرة الردع عند الجيش الإسرائيلي هل تعززت هذه القدرة؟ قالوا إنهم يريدون أن يصححوا صورة وهيبة الجيش الإسرائيلي هل تصححت هذه الصورة أو زادت تهميشا وبعثا وهوانا؟ لقد أثبتت الحرب القائمة حتى الآن أن الجيش الإسرائيلي هو آلة عسكرية ضخمة عمياء وجاهلة وغبية وعاجزة إلا من قتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنية التحتية.

وأيضا أقول للإسرائيليين هل لكم أن تسألوا أولمرت أين أصبحت وعوده العظيمة والكبيرة والأهداف العالية التي أعلنها منذ اليوم الأول للحرب في بداية العدوان واستمعنا إليه بالأمس يتنصل من كل هذه العناوين العالية العظيمة والأهداف العالية العظيمة لهذه الحرب الفاشلة إنني أؤكد لكم جميعا للعدو والصديق والعالم كله أنكم لا تستطيعون القضاء على حزب الله كما أنكم لم تستطيعوا القضاء على حركات المقاومة الشريفة في فلسطين.. لن تستطيعوا ذلك أبداً لأن المقاومة ليست جيشا نظاميا.. المقاومة ليس دولة نظامية ولأن المقاومة هي شعب يملك الإيمان والإرادة ويملك الثقة بالنفس ويعشق الاستشهاد ويرفض الذل والهوان هذا شعب لا يمكن لأحد أن يلحق به الهزيمة يمكن أن نقتل رجاله ونساؤه وأطفاله وشيوخه ممكن أن نهدم مبانيه مساكنه على رؤوسه ولكننا لا يمكن أن نهزمه لا يمكن أن ننهي الحرب معه لأن هذه الحرب تتجدد مع كل جيل مع كل ولادة مع كل غضب مع كل انفعال مع كل فعل إيمان ومعنا أيضاً أؤكد لكم المقاومة لن تنكسر والمقاومة لن تهزم.

وهنا أصل إلى إضافة أخيرة بالشق السياسي وأقول ما يلي، أود أن أؤكد لشعبنا اللبناني ولشعوب أمتنا والعالم ولأكون واضحين جدا أن ما جرى منذ اليوم الأول للحرب وما يجري حتى اليوم من قتل ومجازر وتدمير ووحشية وهمجية يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى بوش وإدارته الإدارة الأميركية ، وفي رأينا أن أولمرت وحكومته مجرد أدوات تنفيذية في هذه الحرب أريد أن أؤكد هذا المعنى وأقول إن دماء أطفال ونساء قانا وان دماء كل الشيوخ والمدنيين والأبرياء التي سفكت في لبنان تلطخ وجه بوش وكونداليزا ورامسفيلد وتشيني هذه الإدارة هي الإدارة القاتلة والمجرمة والمعتدية والسفاكة وهي حتى الآن التي تحول دون وقف العدوان وهي التي تضع الشروط وتحاول أن تملي هذه الشروط هذا يجب أن يكون واضحا لكل لبناني ولكل مسلم ولكل مسيحي ولكل شريف في هذا العالم حتى نقول الأمور كما هي من دون لبس ،أعود وأقول للبنانيين اليوم في الحرب وعندما تضع الحرب أوزارها وستضع الحرب أوزارها، على كل حال أريدكم أن لا تنسوا أبدا هذه هي الإدارة الأميركية صديقة لبنان وحليفة لبنان وحبيبة لبنان والتي يحترق قلبها على شعب لبنان وتريد له أن يحيا في واحة من الأمان والسلام، وتريد له أن يكون نموذجا ديمقراطيا في المنطقة هذه هي الإدارة الأميركية التي قد يراهن عليها البعض وراهن عليها البعض أو قد يراهن عليها في المستقبل أرجوا أن لا ننس ذلك في أيامنا وشهورنا وسنيننا الآتية وهنا نؤكد أيا تكن نتائج هذه الحرب لبنان لن يكون أميركيا ولبنان لن يكون إسرائيليا ولبنان لن يكون موقعا من مواقع الشرق الأوسط الجديد الذي يريده بوش وتريده رايس هذا كلام قاطع وحاسم إن شاء الله.

والمسألة الثانية في هذا الشق السياسي أريد أن اقول لمن يحب لبنان ويريد أن يساعد لبنان وينطلق الآن بلهفة إلى لبنان والحمد لله رب العالمين الوفود بدأت تزداد والاهتمام العربي والدولي بدأ يزداد وأنا أؤكد لكم والكل يعرف ان هذا بفضل بالدرجة الأولى بفضل الله عز وجل وصمود المقاومين والوضع الممتاز في الميدان وصمود النازحين أو الباقين في بيوتهم واحتضان الشعب اللبناني لهذه المقاومة الشريفة الآن تزداد الوفود ويزداد الاهتمام جيد مشكورين الله يتقبل منكم ،ولكن لهؤلاء الذين يحبون لبنان ويريدون مساعدته أقول يجب أن تنتبهوا جيدا اننا نحن في لبنان هذه البيوت التي تهدمت لم تهدم بزلزال ،هذه هدمتها إسرائيل الناس الذين تهجروا من بيوتهم ليس تهجيرهم تم بإعصار تسونامي ولا السيل ولا انفجار بركان، إسرائيل أخرجتهم من بيوتهم قتلت أطفالهم ونساؤهم هذا البلد ارتكبت فيه إسرائيل بقرار أميركي وبسلاح أميركي وبصواريخ أميركية، كل هذا المشهد الدموي المدمر ، لا نرضى أن يتعاطى أحد مع لبنان كأن حالة إنسانية بائسة نقدم لها الدواء وحصص التموين وبعض الأموال هذا أمر ومن يفعل ذلك مشكور ،ولكن هذا لا يعبر صدق الحب للبنان، صدق الحب للبنان وأنتم تستطيعون أن تفعلوا ذلك وأن ترفعوا أصواتكم والأهم أن تقولوا في الجلسات واللقاءات الداخلية التي تعقدوها مع الأميركيين وغيرهم، ما تقولوه في العلن اليوم كل العالم لبنانيون يوفدون العرب الدول الأوروبية كل العالم يعرف من هو الذي يعيق ويمنع وقف العدوان الصهيوني على لبنان بوش والإدارة الأميركية اذهبوا واثبتوا حبكم للبنان هناك وارفعوا صوتكم هناك وكونوا رجالا ليوم واحد هناك، لتحفظوا كرامتكم وبقية ماء وجوهكم وأريد هنا أن أقول للحكام في بلادنا العربية والإسلامية في الشرق الأوسط الجديد، لا مكان لكراسيكم أن تخليتم عن مسؤولياتكم الأخلاقية والقومية ،خوفا على كراسيكم ولكن في الشرق الأوسط الجديد لن تبقى لكم كراسي، وليس معلوما أن تبقى لكم أوطان دولكم هذه ستقسمها خريطة الشرق الأوسط الجيد إلى كانتونات إلى دويلات على أساس مذهبي وطائفي لن تبقى هذه الدولة الكبيرة دولة كبيرة ولن تبقى هذه الدولة الغنية غنية ولن يبقى العرش عرشا ولا الكرسي كرسيا في املكم أنتم من أجل كراسيكم أيضاً أنا أقول لكم اجمعوا بين إنسانيتكم وكراسيكم وتحركوا ولو ليوم واحد من أجل أن توقفوا هذا العدوان على لبنان. أنا من اليوم الأول قلت لا أطلب ولا أناشد وأنا لا أطلب منكم ولا أناشدكم وإنما أحرص عليكم وأحرص على بلدنا وعلى وطننا هكذا تكون المساعدة لمن يريد أن يساعد لبنان.

ختاما سلامي وسلام كل أحبتي وأعزائي وإخواني في المقاومة الإسلامية إلى عوائل الشهداء الأطهار الذين هم العين والسراج والقلب وعنوان التضحية والعطاء والفداء الأسمى وأغلى ما يجود به الإنسان للجرحى الذين يعانون ألم الجراح للصامدين في أرضهم للنازحين من أرضهم إلى أرضهم ومن بيتهم إلى بيتهم للمحتضنين لهؤلاء النازحين والمحتضنين للمقاومة إعلاميا وشعبيا واجتماعيا وماديا ومعنويا لكل من يقف معنا في العالم ويعبر عن موقفي هذا في الإعلام في السياسة في التظاهر وفي الاعتصام وبكل أشكال التعبير المعتمدة سلامنا لهم جميعا.

ويبقى السلام السلام للمجاهدين المقاومين البواسل الأبطال الذين يثبتون وجه لبنان المنتصر في عام 2000 ويثبتون وجه لبنان الحقيقي ويدافعون عن لبنان ويدافعون عن الأمة معا يدافعون عن الأمة التي تريد أميركا وإسرائيل إعادة تقسيمها من جديد ابتداء من لبنان وابتداء من العراق ومن أفغانستان ومن أماكن أخرى.

وأختم بالقول في سلامي للمجاهدين أذكر الصهاينة أمامكم خيار واحد وقف العدوان والإصغاء إلى المعالجات السياسية ولم ينقذكم أحد من مأزقكم إذا كنتم تراهنون على الإدارة الأميركية إنها قادرة على إنقاذكم هي أعجز من أن تنقذ نفسها في العراق وأفغانستان فضلا عن أن تأتي لإنقاذكم في لبنان ماذا تستطيع أن تفعل أن تملي الشروط.

نحن نرفض إملاء الشروط نرفض القبول بأي شرط وهذا قلناه ونعيده وأكرره وأنا أترك المعالجة السياسية للنقاشات الداخلية ونحن حريصون في هذا الإطار ولكن أقول للإسرائيليين إن رهانكم على الأميركيين رهان فاشل، إن رهانكم على استمرار الحرب والعدوان هو رهان فاشل، إن رهانكم على تراجع إرادتنا وإرادة شعبنا في لبنان رهان فاشل. إن الرهان الوحيد الصحيح والسليم هو وقف العدوان والإصغاء للمعالجة السياسية والانتهاء من هذه الحماقة التي ارتكبتموها ولن تنتهي إلا بانتصار لبنان، لبنان الشعب العظيم ولبنان الدولة ولبنان المقاومة ولبنان الواحد الموحد،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المزيد...